في شوارع بيروت الصاخبة في وسط المدينة، قضى صبيان شابان، هاشم وحسن، أيام صيفهما محاطين برائحة الحبر الطازج وصوت تقليب الصفحات الناعم. كانا توأمين يبلغان من العمر أحد عشر عامًا فقط، وجدا نفسيهما يعملان في مكتبة تقع في منطقة العازارية وسط المدينة. كان ذلك في منتصف ستينيات القرن الماضي، حين كانت الكتب تفتح أبوابًا لعوالم بعيدة وفرص لا تنتهي. بالنسبة لهاشم وحسن، أصبحت المكتبة أكثر من مجرد وظيفة صيفية – أصبحت الأساس لحب دائم للقراءة

رغم بساطة ظروفهما، كانت أحلامهما بلا حدود. ومع مرور الأيام، تعمّقت علاقتهما بالكتب، لتكوّن رابطًا لا ينفصم بينهما وبين القصص التي قرآها. لكن الحياة لم تكن لتبقيهما في لبنان إلى الأبد. بحلول عمر الثالثة عشرة، واجه الأخوان لحظة حاسمة. تركا المدرسة واستقلا طائرة إلى إفريقيا، حاملين معهما القليل سوى عزيمتهما وشغفهما المشترك بالكلمة المكتوبة

كان الانتقال إلى حياة جديدة أمرًا شاقًا، لكن الأخوين تشبثا براحة الكتب، حيث أضاء حبّهما المشترك للقراءة طريقهما عبر الأراضي المجهولة. ما بدأ كوظيفة صيفية في مكتبة صغيرة زرع بذرة حلم – حلم سينمو يومًا ليصبح شيئًا استثنائيًا

بعد عقود، تجسد ذلك الحلم في ما نعرفه الآن بفخر باسم دار هاشم للكتب للنشر. مستوحاة من رحلة شقيقين شابين ملآ جيوبهما بالأمل وقلبيهما بالقصص، تقف هذه الدار كدليل على قوة البدايات المتواضعة وسحر الكتب الذي لا يزول